رفيق الشرعبي،
الاحزاب اليسارية هي الاكثر تضرراً من المسألة المذهبية، فالاستقطاب المذهبي ينتزع من هذه الاحزاب كثيراً من جماهيرها ويحولها الى وقود في صراعاتها اعتماداً على شعارات زائفة تعبر عن شكل من التردي في الوعي السياسي والوطني الذي وصلت اليه تلك المذاهب.. حيث تبدأ الاستقطابات المذهبية باختراق النسيج الاجتماعي والبنية التنظيمية لهذه الاحزاب وتحديداً منها التي تلعب دوراً فاعلاً في الحياة السياسية .. وبذلك تضعف قوى التغيير لضعف هذه الاحزاب التي تصبح عاجزة عن التوحد لأن فصائل اساسية فيها اصبحت تتكتل وراء قيادات مذهبية وتبحث عن رقم لها لدى هذه القيادات .. المذهبية عدو النشاط السياسي والديمقراطي الذي اصلاً يختفي لتغير المزاج لدى الجماهير التي اصبحت ملتزمة ببرامج المذاهب اكثر من البرامج السياسية للاحزاب وتكون قد تحولت الى عقبة كبيرة امام ولادة الدولة المدنية التي كانت سابقاً في مقدمة طموحاتها وعندها يبقى الكلام عن التغيير حلماً صعب التحقيق .. فالمذهبية تمنع قيام البديل الوطني الديمقراطي وتعيق عمل قوى التغيير .. حيث تعمل المذهبية من خلال قراراتها وانشطتها وبرامجها الى المحافظة على بقاء وتوسع سيطرتها على حساب التعددية السياسية والديمقراطية... وكل فكر يتجاهل هذه الحقائق او يعجز عن استيعابها ليس له من اليسارية بشيء، كما ان الاخطر من ذلك هو الانحياز لأي مذهب والذي سيكون له أثره الواضح في تنشيط المذاهب الاخرى في ظل تعبئة الفكر المذهبي بالفكر المذهبي المضاد وتنشأ حياة قائمة على صراعات لم تسلم منها المذاهب نفسها حيث تنشط داخل المذاهب نفسها الاتجاهات المناطقية والعشائرية والعائلية ليدفع شعبنا الثمن الباهظ والمتواصل .فالمذهبية يجب ادانتها بشدة ورفض كافة مظاهر صراعاتها وبالاخص من قبل الاحزاب اليسارية باعتبارها الآفة التي تزيلها من الحياة السياسية، بينما ترتص بقية الاحزاب ضمن مذاهب اقرب الى فكرها الديني، و يتشتت اليسار ولايستطيع لملمة صفوفة التي توزعت على المذاهب المختلفة .
