الكرامة نيوز المحويت
آيات الأهل والآل شبهات وردود
جمع واعداد
خالد محمد شويل
كنت في مبحث سابق قد ذكرت الايات الوارد فيها مصطلح
الأهل والآل وبينت الفرق بين الأهل والآل وفي هذه الفقرة سنقوم بتفنيد استدلال
الروافض ببعض الآيات التي يستدلون بها على معتقداتهم وذلك كما يلي :-
أ- (آية التطهير)
وهذه الآية يستدل بها الروافض على عصمة أهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام
,وقد يقول قائل :إذا كان لفظ الأهل يدل على القرابة ولفظ الآل يدل على الأتباع
فهذا لا ينفي الولاية والطهارة لأهل بيت النبي خصوصا وان الله قد بين طهارة
قرابة النبي من بني هاشم من ذرية علي وفاطمة بأية التطهير وهي قوله تعالى: {
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}
والجواب يتضح مما ذكر في تفسير الآية كما يلي
...([1])
يلاحظ أنها ليست آية وإنما هي تتمة الآية
التي أولها خطاب لأمهات المؤمنين - رضي الله عنهن- بقوله:{و َقَرْنَ فِي
بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ
الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا
يُرِيدُ...},
ولذلك فتسميتها ب((آية التطهير)) تدليس
لأنها ليست بآية وإنما هي جزء منها.وعلى كل حال فقد قالوا: إن التطهير وإذهاب
الرجس معناه العصمة من الخطأ والسهو والذنب((فأهل البيت)) معصومون من ذلك كله,
ومقصودهم ((بأهل البيت)) أشخاصاً معينين أولهم سيدنا علي ثم فاطمة والحسن والحسين
- رضي الله عنهم- وليس جميع أهل البيت.
إن الاحتجاج بهذه الآية على (عصمة) مردودون
حيث الدليل ومن حيث الدلالة:
أ-عدم صلاحية الدليل للاستدلال على
(العصمة):
إن قضايا الاعتقاد الكبرى ومهمات الدين
وأساسياته العظمى لابد لإثباتها من الأدلة القرآنية الصريحة القطعية الدلالة على
المعنى المطلوب كدلالة قوله تعالى:{اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ
الْقَيُّومُ} على التوحيد , ودلالة{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ}
ب- عدم دلالة النص ((الآية)) على((العصمة)):
وذلك يتبين من وجوه كثيرة نذكر منها:
افتقاره إلى السند اللغوي:فهذا التفسير لا
ينهض من الأساس لأنه ساقط لغوياً
والقرآن نزل بلغة العرب فإذا كانت هذه الألفاظ ((التطهير)) و((إذهاب الرجس)) تعني
((العصمة)) في هذه اللغة فيمكن حمل النص على ما يقولون.
ولكن...إذا كانت هذه الألفاظ تعني ذلك في
اللغة التي نزل بها القرآن فماذا يكون الجواب ؟
والجواب مما يلي ...([2]):
1) لا علاقة للرجس بالخطأ في لغة القرآن فلا يعرف من لغة القرآن- التي هي لباب
لغة العرب- إطلاق لفظ ((الرجس)) على الخطأ في الاجتهاد, فإن((الرجس)) القذر والنتن
وأمثالهما
وإليكم ما يدل على ذلك :-
v يقول الراغب الأصفهاني في ((مفردات ألفاظ
القرآن)) حين تكلم عن مادة الرجس قال : الرجس: الشي القذر يقال:
رجل رجس ورجال أرجاس قال تعالى:{رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}...
v والرجس من جهة الشرع الخمر والميسر...وجعل
الكافرين رجساً من حيث أن الشرك بالعقل أقبح الأشياء قال تعالى: {وَأَمَّا
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} وقوله
تعالى:{وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ},قيل الرجس النتن ,
وقيل العذاب وذلك كقوله:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} وقوله تعالى:{أَوْ
لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} ....([3]) قلت: ولذلك لم يختلف الفقهاء في نجاسة
الخمر وإنما اختلفوا في كون النجاسة هل هي معنوية أم حسية ؟ لأنها وصفت في الآية
بالرجس وما ذاك إلا لأنهم فهموا من وصف الله تعالى لها وللأنصاب والأزلام والميسر
بلفظ ((الرجس)) إنه القذر والنتن والنجاسة .
v ومن قال بنجاستها المعنوية قال هي كقوله
تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} التوبة :28.
v والخطأ في الاجتهاد لا يمكن أن يوصف بأنه
قذر أو نجاسة أو نتن لذلك فهو ليس برجس.
فمن قال: إن الآية نص في التنزيه من الخطأ فقد جاء بما لا يعرف من لغة العرب.
إذن :- فالآية لا تنهض لتكون حجة على العصمة من الخطأ ,بل سقط
الاحتجاج بها كلياً لأن العصمة لا تتجزأ فإذا لم يكن من وصف بالعصمة معصوماً من
الخطأ فهو ليس معصوماً من الذنب لأنهما متلازمان.
2) ((التطهير)) و((إذهاب الرجس)) لا يعني العصمة من الذنب والدليل الواضح
على هذا وروده في غير ((أهل البيت))
ومن الامثلة على ذلك الاتي
:-
v قوله تعالى:{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا
بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ
يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.102. خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ
صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} وهؤلاء قوم ارتكبوا المعاصي , فلو
كان ((التطهير)) يعني العصمة من الذنب لما أطلق على هؤلاء المذنبين الذين
((اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً)) .
v وقد وصف هؤلاء بالتزكية إضافة إلى التطهير
((تطهرهم وتزكيهم)) والتزكية أعلى وقد وصف بها هؤلاء المذنبون ومع ذلك لم يكونوا
معصومين ولم يوصف بها أولئك الذين يُقال عنهم ((أئمة معصومون)) ,وإنما اكتفى بلفظ
((التطهير )) فقط ,وهو أقل منزلة من حيث المعنى فكيف صاروا به - وهو أقل - معصومون
؟ !.
v وقال تعالى {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ
إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ
يَتَطَهَّرُونَ} النمل:56.,ولم تكون ابنتا لوط معصومتين مع أنهما من الآل الذين
وصفوا ((بالتطهير)) وأرادوا إخراجهم , فتطهير آل النبي محمد صلى الله عليه وسلم أو
أهله هو كتطهير آل لوط عليه السلام.
v وقال جل وعلا عن رواد مسجد قباء من الصحابة
الأطهار:{فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ
الْمُطَّهِّرِينَ} التوبة ولم يكن هؤلاء معصومين من الذنوب بالاتفاق.
v وقال بعد أن نهى عن إتيان النساء في
المحيض:{إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}
v وقال عن أهل بدر وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر
رجلاً:
{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء
لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى
قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ}(4)الأنفال:11.
والرجز والرجس متقاربان و((يطهركم))في
الآيتين واحد ولم يكن هؤلاء معصومين من الذنوب.
v وقال مخاطباً المسلمين جميعاً:{مَا يُرِيدُ
اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ
وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (1) المائدة:6
3) معنى الأهل والأهل تأتي بعدة معاني وفقا لما اضيفت إليه كما يلي :-
v (فأهل الكتاب وأهل الذكر )) أصحابه وحملته
((وأهل المدينة وأهل القرى)) أصحابها وساكنوها المقيمون فيها الملازمون لها كما
قال تعالى {وَجَاء أَهْلُ
لْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ} وقال {وَلَوْ أَنَّ
أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ}
v وكذلك((أهل البلد)) كما قال تعالى:{رَبِّ
اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ
لثَّمَرَاتِ البقرة:126.
v وكذلك كل لفظ أضيف إلى كلمة ((أهل )) كما في
قوله تعالى:{فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} . وقال{يَا أَهْلَ
يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} وقال ايضا {وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ
اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ
مِنْهُ}البقرة:217. وقال تعالى {حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا
قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا} الكهف: 71. فأهل السفينة ركابها الذين
تجمعهم.
v وأهل أي بيت سكانه الذين يجمعهم ذلك البيت
كما قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ
بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} النور :27
وقالت أخت موسى - عليه السلام - لفرعون:{أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ
وَهُمْ لَهُ نَاصِحُون} .
v يقول الراغب الأصفهاني في معنى أهل الرجل:
(( أهل الرجل في الأصل من يجمعه وإياهم مسكن واحد ,ثم تُجُوز به فقيل أهل بيت
الرجل لمن يجمعه وإياهم نسب.أ.هـ. فأهل الرجل أو أهل بيته في الأصل من يجمعه
وإياهم مسكن واحد وبهذا جاء ت النصوص القرآنية كما في قوله تعالى:{قُلْنَا احْمِلْ
فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ
الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ} هود: وقال إخوة يوسف-
عليه السلام:{وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} يوسف وقولهم{مَسَّنَا وَأَهْلَنَا
الضُّرُّ}يوسف:88. وقال يوسف- عليه السلام:{وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ}
يوسف:93. وكانوا أباه وزوجة أبيه وإخوته كما
أخبر عنهم الرب جل وعلا بقوله:{فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ
أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ 99 وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ
عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ
رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} يوسف 99- 100.
فأنت ترى كل هذه الشواهد القرآنية لم يدخل
في لفظ ((الأهل )) فيها غير سكان بيت الرجل الذي يجمعهم وإياه ذلك البيت , ولم
يدخل الأقارب فيه قط.
4) الزوجة من (أهل بيت) الرجل بل هي أول عضو في
فأهل الرجل زوجته بدليل اللغة و الشرع
والعرف والعقل واليكم توضيح ذلك كما يلي :......([4])
أ- دليل اللغة:
يقول الراغب الاصفهاني: وعبر (بأهل الرجل )
عن امرأته فيقال(تأهل الرجل ) إذا تزوج ومنه قيل: أهلك الله في الجنة: أي زوجك
فيها وجعل لك فيها أهلا يجمعك وإياهم.أ. هـ.
وفي (مختار الصحاح) يقول الرازي: (أهل الرجل
ازواجه ومن يجمعهم بيت واحد
ب- دليل الشرع:
تأمل هذه الآيات:
v قال تعالى :{فَلَمَّا قَضَى مُوسَى
الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ} لقصص: 29. ولم يكن معه ساعتها غير زوجه
-{قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا} وهذا
قول سارة زوجة إبراهيم عليه السلام فبما ذا أجابتها الملائكة ؟ وتحت أى وصف
أدخلتها ؟ {قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ
وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ} هود :72 -73
فلولا كونها من أهل بيت إبراهيم عليه السلام لما رحمها الله بهذا المعجزة ولا بارك
عليها فحملت بإسحق عليه السلام , وإذن فلا عجب.
v وقال تعالى على لسان أخت موسى عليه السلام
لفرعون: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ
نَاصِحُونَ} القصص: 12. فمن قصدت بأهل البيت ؟ أليست أمها أول المقصودين بهذا
اللفظ لأن كفالة الرضيع تتوجه أول ما تتوجه إلى المراضع وهي هنا أم موسى لذلك قال
تعالى:{فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ}
القصص:13
v حتى امرأة العزيز خطبت زوجها فقالت{مَا
جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا} أي بزوجتك
إضافة إلى عدة آيات عن لوط عليه السلام
وامرأته يدخلها الله تحت مسمى (الأهل) في كل المواضيع التي ورد فيها وهي:-
v قال تعالى : {فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ
إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}( الأعراف:83.
v {قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ
لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ
يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ
امْرَأَتَكَ}هو
* {فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا
امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ}
شبهة :
وقد يقول قائل : لو كان المقصود بالآية
أزواجه لقال الرب: (عنكن) و(يطهركن) بالتأنيث ولم يقل (عنكم ) بالتذكير؟؟
والجواب : ......([5])
أقول سبحان الله ! حتى عوام الناس
يدركون بفطرتهم أن الخطاب في لغتهم إذا جاء بصيغة التذكير شمل الذكور والإناث أما
إذا جاء بصيغة التأنيث فالمقصود به الأنثى أو الإناث فقط ولذلك يقول الرجل
لأولاده: كلوا أو اقرأوا إذا كانوا ذكوراً وإناثاً ولا يقول اقرأن إلا إذا كن
إناثاً فقط وأحياناً حتى إذا كان المخاطبون إناثاً ليس فيهم ذكر فيبقى الخطاب
بصيغة التذكير فيقول: اقرءوا ,قوموا ,اخرجوا
وبهذا نزل القرآن. فقوله: {يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} يعم الرجال والنساء كقوله:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ}ولذلك قال الله تعالى:
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ
لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ} واستمر الخطاب
بالتذكير إلى أن قال:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ
عَامِلٍ مِّنكُم} ولازال الخطاب بالتذكير ثم أصبح بالمقصود فقال بعد قوله
(منكم){مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ} وإذن فالمقصود الجميع
الذكر والأنثى ثم عاد الخطاب بالتذكير {فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن
دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي} آل عمران:190-195.
ولما كان بيت النبي صلى الله عليه وسلم فيه
النبي وأ زواجه جاء اللفظ بصيغة التذكير ليعمهم جميعاً فلا يمكن إذاً أن تأتي
الصيغة بالتأنيث وإلا لأخرج النبي من حكم الآية.
ومن العجيب أنهم يخرجون نساء النبي صلى الله
عليه وسلم من حكم الآية محتجين بكونهن إناثاً وفي الوقت نفسه يدخلون فاطمة رضي
الله عنها تحت حكمها مع أنها أنثى.
ب- آية (انه ليس من اهلك)
وهذه الآية من الآيات التي يحتج بها الروافض
وقد يقول قائلهم ((ذكرت في مصطلح الأهل انه يعني جميع الأقارب سوى كانوا من أتباعه
أو من غير أتباعه والله ذكر في الآية السابقة قوله ((انه ليس من أهلك)) ونفى أن
يكون ابنه من أهله فكيف يمكن التوفيق بين ما قيل من أن الأهل هم الأقارب والأبناء
منهم وبين هذه الآية
؟
والجواب على النحو الأتي:- .....([6])
هذه الآية مما يحتج به الروافض من اجل
الطعن في أزواج الأنبياء فيقولون إنهن قد يرتكبن الفاحشة وهذا حتى يتسنى لهم الطعن
في ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهذا إن دل على شي فإنما يدل على مدى الجهل
الذي يتصف به هولا حين قالوا أن الله نفى أن هذا الولد ابن نوح .
ولوا سال سائل وقال إذا كان النفي ليس
للبنوة إذا لماذا يكون؟ والجواب : إن النفي في الآية يتضح من خلال الآيات السابقة لهذه الآية
في ذكر سياق قصه صناعة الفلك, حيث آمر الله نوح أن يصنع الفلك ووعده أن ينجو فيه
مع أهلة من الغرق وأمره إن يحمل في السفينة من كل زوجين ,ويحمل أهله , وهذا يتضح
في الايةرقم40 , ثم وبعد أن استوت السفينة تذكر نوح وعد الله له أن ينجي في
السفينة أهله ومن امن معه وان ولده من أهله فسال الله قائلا إن ابني من أهلي الذين
وعدتني أن ينجوا ووعدك الحق وأنت احكم الحاكمين فكان جواب الله عليه يا نوح
إن ابنك ليس من اهلك الذين وعدك ان انجيهم معك ولكنه ممن سبق عليه القول بالهلاك .
وحتى يتضح الأمر إليك ما جا في تفسير الآية
حيث ورد في تفسير الالوسي التالي :- .......( [7])
المعنى للآية الكريمة : لقد امتثل نوح أمر
ربه له بصنع السفينة ، حتى إذا ما تم صنعها ، وحان وقت نزول العذاب بالكافرين من
قومه ، وتحققت العلامات الدالة على ذلك ، قال الله - تعالى - لنوح : احمل فيها من
كل نوع من أنواع المخلوقات التي أنت في حاجة إليها ذكر أو أنثى ، واحمل فيها أيضا
من آمن بك من أهل بيتك دون من لم يؤمن ، واحمل فيها كذلك جميع المؤمنين الذين
اتبعوا دعوتك من غير أهل بيتك . قال ابن كثير: وقد نص غير واحد من الأئمة على
تخطئة من ذهب في تفسير هذا إلا أنه ليس بابنه، وإنما كان ابن زنيه .
وقال ابن عباس وغير واحد من السلف : ما زنت
امرأة نبى قط ، ثم قال : وقوله{ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } أى : الذين وعدتك بنجاتهم
فالنفي في الآية ليس للنسب ولكن لان يكون ولد نوح ممن شملهم وعد الله بنجاتهم
.....([8] )
ج- قوله تعالى (وقال رجلا مؤمن من آل فرعون)
في هذه الآية قد يقول قائل((إذا كانت الآل
تعني الأتباع على الملة فكيف تفسر قول الله تعالى عن الرجل المؤمن انه من آل فرعون
؟
والجواب :صحيح إن الله قد وصف الرجل المؤمن
انه من آل فرعون مع انه مؤمن وقد ورد في التفاسير حول تحديد هذا الرجل قولان هما
:-
وفي كلا الحالين فإن قوله تعالى من آل فرعون
لا يدل على القرابة بالنسب فمن قال إنه كان من بني إسرائيل فإنه نفى قرابته
منه ولم ينفي التبعية له ومن قال انه ابن عم فرعون فلم ينفي التبعية لفرعون
ولوا رجعنا إلى الآية لوجدنا الاتي :-
v إن الله قد ذكر الرجل نكرة ولم يذكره معرفة
والراجع إلى أصول التفسير يجد أن من مقامات التنكير في القران إدارة الوحدة أي أن
الرجل المؤمن من آل فرعون هو رجل واحد فقط .
v نلاحظ إن الله قال رجل مؤمن فذكر الرجل باسم
الفعل ولم يذكره بالفعل نفسه والفرق أن الخطاب باسم الفعل لا يدل على الخطاب
بالفعل نفسه فالخطاب باسم الفعل يدل على ثبوت الصفة الثابتة له أصلا أما الخطاب
بالفعل فيختلف بحسب نوع الفعل المستخدم .....([11])
v ذكر الله تعالى أن الرجل يكتم ولم يقل
كتم أو كاتم ولوا قال احد ما الفرق اقو لان كاتم يدل على ثبوت الكتم
للإيمان فلو قال كتم لدل على انه اظهر إيمانه عند كلامه ...([12] ) وعليه فان
الرجل هو رجل واحد ولهذا ذكر نكره في الآية وانه مؤمن يكتم إيمانه أي انه لم يظهر
الإيمان عند كلامه مع فرعون وقومه ولكنه خاطبهم وكأنه يحاورهم فقط ولذلك قال إن
يكن صادق وان يكن كاذب.
أما عن قوله تعالى انه من آل فرعون فلانه
كان في ما يظهر للقوم انه من أتباع فرعون لأنه كان يكتم إيمانه عنهم ولذلك سمعوا
إليه وحاوروه .
ولو تأملنا في سياق الآيات التي تلت هذه
الآية لوجدنا أن الله قد ذكر الرجل في الآيات التالية لحواره معهم فقال تعالى
(وقال الذي آمن ) ولم يذكر ما ذكره في الآية الأولى انه من آل فرعون لان أمره اتضح
وظهر انه لم يعد من أتباع فرعون ولكن أصبح من أتباع موسى.
إضافة إلى : أن أهل مصر كانوا قسمين:
القسم الأول أقباط من أهل مصر الأصليين الذي يتبعوا فرعون والقسم الثاني هم بنو
إسرائيل الذين هاجروا إلى مصر في زمن يوسف عليه السلام وعليه فان أهل مصر من
الأقباط هم من أتباع فرعون الذين ينتمون إلى ملته فهؤلاء هم آله أما بنو إسرائيل
فهم كانوا على ملة إبراهيم ويعقوب ويوسف التي حرفت ولم يكونوا على ملة فرعون فهم
ليسوا من آل فرعون .
د- آية ذوي القربى :
وآية ذوي القربى هي قول الله تبارك وتعالى
لنبيه صلى الله عليه وسلم آمرا له أن يقول للناس { قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ
أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} 14, ويقولون القربى هنا علي وفاطمة
والحسن والحسين .
{ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا
إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} نجد أن بعضهم يفسر هذه الآية إن الله قد أمر
النبي فيها أن يقول للمسلمين لا أسألكم على دعوتي إياكم إلا أن تودوا قرابتي وأهل
بيتي وهذا سيكون اجر دعوتي لكم .
والجواب: هذا أمر غير صحيح من عدة وجوه نذكر
منها الاتي
1-
من غير المقبول أن يطلب النبي اجر وجزاء من احد علي دعوته له إلى الإسلام
فهو صلى الله عليه وسلم ينفذ ما أمره الله به وينتظر الأجر والثواب من الله ( إن
اجري إلا على الله )
2-
هذه الآية أية مكية نزلت في مكة قبل الهجرة وفي بداية الدعوة في الوقت الذي
لم يؤمن به إلي القليل من قريش و أهل بيته من بني هاشم لم يؤمن منهم إلى إعداد
قليه وكذلك لم يكن الحسنان قد ولدا بعد فمن غير المعقول إن يطلب النبي من من امن به
أن يكون أجره على دعوتهم أن يودا من امن به من السلمون قرابته من بني هاشم وهم لم
يؤمنوا به بعد هذا إضافة إلى : أن من فسروا الآية بالصورة السابقة قالوا إن
الخطاب موجة من النبي إلى جميع المسلمين وهذا أمر غير صحيح والناظر إلى كتب
التفسير سيجد أن الخطاب كان موجه إلى كفار قريش ومعني الآية أن النبي لما راء شدة
إنكار قريش لدعوته ومقابله قريش لهاء بالإيذاء وعرض كفار قريش على النبي المال
والمنصب من اجل ترك دعوته خاطبهم قائلا أنا لا أريد منكم اجر على دعوتي لكم وانتم
تقابلون دعوتي لكم بالإيذاء فان لم يمنعكم أني لا أريد منكم اجر على الدعوة فراعوا
قرابتي بكم فانا منكم ومن قبيلتكم .....([13] )
ولكن : على كل حال لما نأتي إلى هذه الآية والى ما نقل فيها من
أحاديث سنجد حديثاً من صحيح البخاري وفيه أن بن عباس رضي الله عنه يسأله رجل
عن معنى هذه الآية { قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ
فِي الْقُرْبَى} فيقول سعيد بن جبير : ( إلا أن تودوا قرابتي ) فيرد عليه بن عباس
رضي الله تبارك وتعالى عنه فيقول: (عجِلتَ فو الله ما من بطن من بطون قريش إلا
وللنبي صلى الله عليه وسلم فيه قرابة ولكن إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة
) .....([14]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ