'/> الانتخابات في تونس كنموذج لبلدان ما سمي الرابيع العربي: | الكرامة نيوز

الانتخابات في تونس كنموذج لبلدان ما سمي الرابيع العربي:

الانتخابات في تونس كنموذج لبلدان ما سمي الرابيع العربي:



بسم الله الرحمان الرحيم

دردشات
منذ مدة والتحضير للانتخابات المزمع اجراؤها في تونس يجري على قدم وساق ,وقد سخرت لهذه العملية آلة الدعاية التي انطلقت مبكرا لعلهم يتجاوزون بذلك خيبة 23أكتوبر الفارطة والتي نـأى كثير من الناس بأنفسهم عنها.

لقد مر أكثر من ثلاث سنوات على"خديعة الربيع العربي"التي انطلقت أحداثها من تونس,وما صاحبها من عمليات التضليل الفكري والخداع السياسي عبر شعارات "الحوار الوطني"و"التوافق"و"السلم الداخلي"و"الدولة المدنية"و"الديمقراطية التشاركية"...

وقد اتسمت هذه الفترة بممترسة الارهاب الفكري والنفسي والسياسي على الناس من خلال التلاعب بالملفات السياسية والاقتصادية والأمنية,
والعبث بأمن الناس وحياتهم وأرزاقهم ,وما رافق كل ذلك من قرارات ومواقف لا تخدم الا الكافر المستعمر وشركاته الاستعمارية العملاقة المنتصبة في البلاد,
تنهب خيراتها وثرواتها صباحا مساءاعلى طول البلاد وعرضها وتحت حماية الحكام الجدد من رئاسة وحكومة ومجلس تأسيسي مع شركائهم من الأحزاب
الغارقة في الارتباط بالدوائر الاستعمارية ,والمنظمات الوهمية العميلة التي لا تستطيع البقاء والاستمرار الا بتدفق الأموال الأجنبية عليها من الغرب الكافر بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

وتستمر الجرائم التي تقترف بحق الشعب في تونس ,مع ما يصاحبها من مذلة واهانة لهذا الشعب العزيز الذي استمد عزته كباقي شعوب الأمة الاسلامية "ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون",فقد جاءت عملية تمرير الدستور باملاء من دوائر الاستعمار ,ثم كانت فضيحة رفع التحفظات على اتفاقية"سيداو"التي تشرع للفاحشة والفجور. وقبل ذلك وبعده كان اغراق البلاد في الديون الاستعمارية عبر الاقتراض من البنوك العالمية التي جعلها المستعمر الكافر وسيلة لاستعمار الشعوب وافقارها.

وامعانا في تضليل الرأي العام ,مورس على الناس أكبر عملية ارهاب نفسي وفكري عبر الترويج للافلاس والعجز ,مع أن حكام البلاد يسمحون للمستعمر و
شركاته بنهب خيرات البلاد من نفط وغاز وفسفاط وملح ويورانيوم وغير ذلك ,كما أصبحوا يستغلون ما صنعوه من"ارهاب"لعزل مناطق بأسرها عن باقي البلاد وكأنهم لم يكتفوا بما آل اليه حال الأمة من تقسيم وتجزئة فرضته اتفاقية"سايكس بيكو لسنة 1916"المذلة والتي أنتجت هذه الدويلات الكرتونية التابعة ,وأفرزت هؤلاء الحكام العملاء ,فصاروا يمهدون لمزيد من التقسيم والتجزئة بحجة ايجاد مناطق عسكرية مغلقة,وبدعوى أنها مناطق عمليات لمحاصرة "الارهاب"الذي صنعوه ويحمونه ويريدون له الاستمرار ,وليتخذ علة لتدخل المستعمر في شؤوننا :فاعتبار أكثر من 35ألف كلم مربع مناطق عسكرية مغلقة وتحت أنظار الجميع ما هي الا مقدمة لتمكين أميركا وحلفائها من الغرب من اقامة قواعد عسكرية دائمة في هذا البلد المسلم الذي انطلقت منه الفتوحات نحو افريقيا وأوروبا.

وفي هذه الظروف ,وحتى لا ينكشف وهم الاصلاح وزيف التغيير ,كان لا بد أن
تظهر هذه الأعمال على أنها تعبير عن ارادة شعوب المنطقة ,وليست مفروضة من الخارج ,وذلك من خلال مسرحية"الانتخابات". فأميركا وبعد تجربة احتلال العراق سنة 2003م عملت على السير في سياسة كسب العقول والقلوب, وتريد أن تظهر نفسها على أنها ناصرة الشعوب وداعمة لتحررها من الدكتاتوريات.ولذلك فان أميركا تعمل على أن يكون عملاؤها من الحكام الجدد
يتمتعون بدعم قاعدة عريضة من الشعوب من خلال موجة الانتخابات التي تجتاح المنطقة ,وهو ما يضفي بعض الشرعية على قراراتهم وأعمالهم التي
بالتدقيق فيها يتجلى أنها خدمات تقدم مجانا للكافر المستعمر.

ان الانتخابات المزمع اجراؤها في تونس ,سواء كانت رئاسية أو تشريعية ,لا تعدو أن تكون سوى عملية تضليل وخداع جديدة تمارس على الناس ويتم تسويقها عن طريق أدوات الاستعمار المتمثلة في بعض السياسيين والاعلاميين وما يسمى ب"منظمات المجتمع المدني"الذين تستعملهم أميركا ودوائر الاستعمار الأخرى لانجاح مشروعها "مشروع الشرق الأوسط الكبير"و"خديعة الربيع العربي".

ويظهر من خلال عدم اقبال الناس على التسجيل أن هذه الانتخابات لا علاقة لها باختياراتهم ولا برضاهم,لأن سياسة"التوافق السياسي"بين القوى السياسية هو عنوان المرحلة,فالتوافق يقتضي أن يكون الجميع شركاء ,ولكي يتحقق ذلك وقع تحديد كيفية الانتخاب سلفا من خلال القانون الانتخابي الذي يضمن:

-
أن يكون الاقتراع على أساس القائمات وليس الأفراد,وبهذا الشكل لا يمكن للناخب أن يعرف من هو الشخص المعين الذي سينتخبه.وعليه فلا يحقق هذا
النوع من الانتخاب تمثيل المنتخب للناخب لأنه انتخاب لمجهول, وتمثيل المنتخب للناخب يكون بالاقتراع على أفراد بعينهم يعرفهم الناخب ويعيش معهم ويعرف تفكيرهم وميولاتهم وبرامجهم ,ليتمكن من محاسبتهم متى رأى
أنهم انحرفوا, وقد سبق لعديد من رجال القانون أن انتقدوا هذا النوع من الاقتراع وحذروا منه.

-
ان أغلب الأحزاب والحركات الموجودة على الساحة تفتقر لأدنى تواجد شعبي,فهي تجمعات حول أفراد ومصالح أو شعارات مبهمة وغامضة ,ومع ذلك ف"التوافق السياسي"يقتضي أن تكون شريكة في الحكم حتى لو لم يقع اختيارها من طرف الناس, ولكي يتم اشراكها في الحكم تم اعتماد "نظام البواقي"الذي يقتضي تمكين من لم يبلغ حد النصاب الانتخابي من مقاعد. وهذه أكبر مهزلة وأشنع عملية تضليل تمارس على الناس حيث يتم بموجبها التزوير والتدليس عليهم فتعطى المقاعد لمن لم يحصل عليها ولا يستحقها وكل ذلك يمارس باسم القانون.

وانه من الواضح أن جميع الأحزاب والتكتلات الجماعية تتبنى نفس المنظومة الفكرية والقيمية التي يتبناها الغرب بزعامة أميركا من مثل"الديمقراطية"و"الدولة المدنية"و"العدالة الاجتماعية"و"حقوق الانسان "
و"الحريات العامة",كما أنه من الجلي أن الدوائر الاستعمارية النافذة في البلاد والمتمثلة في السفارة الأمريكية بالأساس,وهي التي تقف وراء فكرة"التوافق
السياسي"وذلك حتى تضمن تركز فكرة فصل الاسلام عن الحياة وعن الدولة وعن الحكم والتشريع.

ان جميع الأحزاب التي ترفع تلك الشعارات الغربية,انما ترفعها بشكل مبهم وغامض ,وتحاول تسويقها للناس على أنها لا تتناقض مع عقيدتهم ,
والحال وأن عقيدة الناس التي هي العقيدة الاسلامية تتناقض تماما مع عقيدة
فصل الدين عن الحياة التي تروج لها كل الأحزاب سواء منها ذات المرجعية
الغربية أو التي تدعي أنها ذات مرجعية اسلامية ,فكلها تتبنى قيم الغرب السياسية والفكرية. لذلك فان الانتخابات القادمة لا علاقة لها بتمثيل الناس ,
لأن الانتخاب هو وكالة عن الشخص في الرأي اذا كان الأمر يتعلق بمجلس الشورى,وهو توكيل في الحكم اذا كان الأمر يتعلق بانتخاب رئيس الدولة,وفي
كلتا الحالتينفانه لا بد من حصول المعرفة بين طرفي العقد وهو الناخب والمنتخب أو الموكل والوكيل ,وهذا أمر غير متوفر في الانتخابات المزمع اجراؤها والأهم من ذلك كله فان الوكالة في الرأي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون في التشريع ,لأن المشرع الحقيقي هو الله تعالى,وللمجتهدين مهمة استنباط الأحكام ,وليست للنواب الذين ليست لهم أهلية ذلك,ولا عبرة للأكثرية أو الأقلية في هذا الأمر,بل العبرة في ذلك بالنص وهو القرآن والسنة وما أرشدا اليه من اجماع الصحابة والقياس,ولفهم المجتهدين لذلك ليس غير, مثلما أنه لا عبرة للأكثرية أو الأقلية في الحصول على الرأي الفني أو الاصطلاحي لأنه يحتاج لأهل الخبرة وأهل الاختصاص.

أما التوكيل في الحكم ,فان الانتخاب في الاسلام انما هو أسلوب لفرز واحد من المترشحين المسلمين لرئاسة الدولة,فلا يصبح المنتخب رئيسا للدولة بمجرد حصوله على أكثرية الأصوات كما في النظام الديمقراطي ,وانما ينصب عن طريق بيعة الانعقاد ,وهي عقد مراضاة واختيار بين الحاكم والمحكوم وموضوعها هو تطبيق الاسلام لا غير.

ان ما يريده الغرب بزعامة أميركا من خلال هذه الانتخابات هو ترسيخ مفاهيمه عن الحياة المنبثقة عن عقيدة فصل الدين عن الحياة,وذلك حتى تصبح عقيدته ومفاهيمه عن الحياة هي السائدة بين المسلمين بعيدا عن عقيدة التوحيد ومفاهيم الاسلام وقيمه.وحتى لا تظهر هذه الجرائم بمثابة الكوارث وطريقة جديدة للاستعمار,وتبدو وكأنها اختيارات الشعوب ,كان لا بد من وجود حكام ونواب للناس يحضون بدعم شعبي يستطيعون به تمرير مؤامرات الغرب عن علم أو عن جهل,لهذا جاءت هذه الانتخابات في تونس وفي غيرها من بلاد المسلمين ترسيخا للتضليل ومواصلة للمؤامرات على الأمة.

وان المشاركة في هذه الانتخابات أو غيرها يعد انخراطا في مشروع الخديعة الكبرى على الأمة,وهي ليست سوى وسيلة من الوسائل التي تبقينا تحت سيطرة أميركا والغرب ,وتسخرنا لقضاء مصالحها الآنية والاستراتيجية.
لذلك فالواجب على المسلمين أن يتفطنوا حتى لا يكونوا جسرا تعبر منه أميركا وحلفاؤها في أوروبا نحو القضاء على الاسلام والمسلمين.

الانتخابات و"التوافق":
"
التوافق"هو اجتماع أطراف معينة من أحزاب ومنظمات مسلطين أنفسهم على رقاب الناس,وموحين لهم بأنهم لا يستطيعون اختيار ما يصلحهم ويصلح حالهم, فينصبون أنفسهم لتقرير مصيرهم دون الرجوع اليهم فيما يريدون وما لا يريدون, وقد تم الدفع نحو هذا التوجه بعد اثارة القلاقل والقيام بسلسلة من الأعمال القذرة والجرائم الفظيعة كالاغتيالات واعنف والفوضى مع آلاف الاضرابات وعمليات تعطيل مصالح الناس التي تورط فيها بالأساس الاتحاد العام التونسي للشغل.

وكان ما عملوا على ترسيخه وتهويله عبر وسائل الاعلام ملف"الارهاب"حيث أوهموا الناس أن المجتمع مقبل على انقسام خطير ,وأن الناس مهددون في أمنهم وأرزاقهم ومصائرهم,فنشروا الرعب بينهم,واستطاعوا بذلك تمرير ما أسمي ب"التوافق"من خلال مسرحية"الحوار الوطني"الذي أفرز شخصا غير محتمل لرئاسة الحكومة,هذا الشخص لم يكن اسمه مطروحا في بداية المشاورات والاجتماعات وانما وقع اسقاطه وفرضه على جماعة"الحوار الوطني"فرضا.

وآخر ما طلعوا به على الناس ما أسموه ب"الشخصية التوافقية"المقترحة لمنصب رئاسة الدولة,وكانت حركة النهضة هي المبادرة بطرح هذه الفكرة بعلة أن الانتخابات اذا ما أفرزت عن اختيار شخص بنسبة 51% فان هذا يعد انقساما للمجتمع الى نصفين,وأن هذا الشخص لا يعتبر رئيسا الا للذين اختاروه فقط,وبعلة أن البلد لا يستطيع أن يحكمها طرف واحد.

ان فكرة"التوافق"التي ساروا فيها فيما أسمي ب"الحوار الوطني"لا تعني سوى اجتماعهم على القواسم المشتركة بينهم,وأهم المشترك بينهم هو استبعاد العقيدة الاسلامية التي هي عقيدة الشعب في تونس من أن تكون أساسا للحياة والدولة والتشريع والحكم,وهذا يعني فصل الدين عن الحياة وعن الدولة والحكم والسياسة ,وبما أن الناس مسلمون فالدين الذي يقصدون فصله عن الحياة هو الاسلام لا غير ,فالاسلام عندهم لا علاقة له بالدولة ولا بالتشريع والحكم ورعاية شؤون الناس,ولا فرق في ذلك بين من يتبنون المرجعيات الغربية ,وبين من يدعون أنهم يتبنون المرجعية الاسلامي,فكلهم سواء في السعي لتركيز عقيدة"فصل الدين عن الحياة"بفصله عن الدولة وهذه هي"الدولة المدنية"وفصله عن السياسة وهذه هي"الديمقراطية",
وفصله عن الاقتصاد وهذه هي "الرأسمالية". والاسلام عندهم يجب أن يقف عند عتبة المساجد مثله مثل المسيحية ,ليكون العقل البشري هو المحدد الوحيد للحق والباطل والخير والشر,وبالتالي هو الذي يصوغ الأحكام والمعالجات بصفة"توافقية",وكنتيجة لذلك تحل عقيدة فصل الدين عن الحياة وعن الدولة والحكم محل العقيدة الاسلامية والنظام المنبثق عنها.
ان فكرة"التوافق"انما يقصد بها استبعاد العقيدة الاسلامية كقاعدة فكرية تكون أساسا للتفكير ,ومحل انبثاق الأحكام التي تعالج مشاكل الناس في الحياة,وهذا استبعاد للاسلام من الحكم وتكريس للعلمانية التي تقوم على الفصل التام بين الدين والحياة.

لذلك ,فان فكرة"التوافق"من الأفكار الخطيرة والهدامة ,وهي من منتجات الغرب الكافر التي أوحى بها الى عملائه والمأجورين في البلاد ,المكلفين بتطبيق مخططات الكفار على الأمة الاسلامية بقيادة أميركا ضمن مشروعها"مشروع الشرق الأوسط الكير",وهي تخل عن الاسلام ودولته وترسيخ لنفوذ المستعمر الكافر على بلاد المسلمين.

أما فكرة"الشخصية التوافقية"التي طرحتها حركة النهضة ,فالظاهر أنها هي التي سيسيرون فيها عبر اتفاقهم السري على شخص معين يتوافقون عليه, وذلك سواء من خلال تزوير الانتخابات ,أو من خلال المشاركة المكثفةلحركة النهضة وأنصارها في الاقتراع في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية دعما للشخص المتوافق عليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلا عن منظمة شباب الوحدة
6
ذي الحجة1435ه
30
سبتمبر2014م

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

اخترنا لكم