في يوم الأربعاء 17 سبتمبر 2014 وصل جمال بن عمر المبعوث الأممي في اليمن إلى محافظة صعدة معقل جماعة أنصار الله "الحوثيين". في صعدة ألتقى بن عمر بعبدالملك الحوثي زعيم الجماعة من أجل التظاهرات التي تقودها جماعته بصنعاء للمطالبة بإلغاء قرارات الجرعة الاقتصادية التي أقرتها الحكومة في الـ 30 من يوليو وإسقاط الحكومة وتنفيذ مقررات الحوار الوطني.
في هذه الأثناء قد مر على سقوط مدينة عمران بيد الحوثيين أكثر من شهرين وبحجة التظاهر ضد رفع أسعار المشتقات النفطية في 30 يوليو قد تم تطويق صنعاء بعشرات الخيام الممتلئة بالمسلحين الحوثيين.
وفي الوقت الذي كان يتحدث الشارع اليمني عن إصطفاف شعبي في وجه الزحف الحوثي وعن الجيش الذي يخوض حرب شرف على مشارف صنعاء شرع مسلحي الحوثي يقصفون مبنى التلفزيون اليمني ويهاجمون اللواء المرابط في مقر التلفزيون وحرب ضروس تجري رحها في شارع الثلاثين وتبة الأحمر القريبة من جامعة الإيمان ومقر الفرقة الأولى مدرع.
في الـ 18 من سبتمبر دخلت الحرب صنعاء بشكل رسمي بعد مواجهات بين مسلحي الحوثي وقبائل موالية للجيش شمال صنعاء. حيث بدأ مسلحي الحوثيين هجومهم على مواقع عدة في العاصمة صنعاء.
في يوم الجمعة 19 سبتمبر كانت العاصمة صنعاء تعيش ساعات حرب عصيبة حيث أشتدت المعارك في محيط التلفزيون الرسمي بعد أن استهدفه الحوثيون بقذائف هاون طوال الليل وأنقطع بث القناة الفضائية لمدة ساعة في صباح الجمعة كما علقت شركات الطيران رحلاتها إلى مطار صنعاء.
بدأ الأهالي في شارع الثلاثين ومذبح والمناطق المجاورة بالنزوح من منازلهم جراء اشتداد المعارك. وبدأت الأحاديث تدور حول تشكيل لجان شعبية لمساندة الجيش فيما عاد بن عمر عصر الجمعة من صعدة إلى صنعاء دون توقيع أي إتفاق مع زعيم أنصار الله لكنه زف لليمنيين البشرى بأن لقاءه مع الحوثي كان "بناء وإيجابي".
فيما قال القيادي في أنصار الله حسين العزي أن زعيم الحوثيين فوضه ومديرَ مكتب الأخير لتوقيع الاتفاق مع الحكومة والأطراف السياسية.
أما الرئيس هادي فقد وصف ما يجري في صنعاء بالإنقلاب لكنه لم يستطع تحريك أي من الألوية العسكرية المتواجدة بالعاصمة لمساندة لواء التلفزيون ومقر المنطقة السادسة. بل أعلنت المؤسسة العسكرية حيادها وأكتفت الطائرات حربية بالتحليق على مستوى منخفض في سماء العاصمة، واخترقت حاجز الصوت.
في ساعات الصباح الأولى ليوم السبت 20 سبتمبر شهدت العاصمة صنعاء قصفا عنيفا من قبل مسلحي الحوثي على مبنى التلفزيون والمنطقة العسكرية السادسة.
وفي المساء وبعد ثلاثة أيام من القصف على مبنى التلفزيون الرسمي أعلن الحوثيون سيطرتهم على المبنى وأوقفوا بثه فيما سلمت القوات المرابطة في المكان نفسها لمسلحي الجماعة بعد تواطيء وزارة الدفاع وعدم إرسالها أي تعزيزات فيما أستمر الرئيس هادي بدعوته للإصطفاف.
في صبيحة يوم الأحد الـ21 من سبتمبر كان اليمنيون يرقبون الحرب الدائرة في الأجزاء الشمالية من العاصمة صنعاء بحذر وخوف من سقوط الدولة في يد المليشيات المسلحة. وفيما كانت أخبار تتناقل عن حرب بين قوات الجيش والقبائل الموالة للجيش ضد مسلحي الحوثي في محيط المنطقة السادسة واللواء الرابع بدأت الأحداث تجري بشكل سريع وتتابع مخيف وضع الجميع في صدمة ليفيق بعدها الجيمع على وضع جديد وواقع مختلف. فبعد ظهر يوم الـ21 من سبتمبر أُعلن عن سقوط مقر قيادة المنطقة السادسة آخر معاقل الجيش التي وقفت في وجه الحوثيين. سقطت الفرقة الأولى مدرع وسقط اللواء الرابع فأنهارت على إثره كل المؤسسات الأمنية والعسكرية في العاصمة (أو بالأصح تم تسليمها طواعية لمسلحي الحوثي). في هذه الأثناء يكتشف اليمنيون أن الجيش القوي الذي كان بناءه أحد أهداف ثورة سبتمبر 1962 لم يتم بناءه فعليا وأن ما تم هو بناء جيش يدين بالولاء والطاعة لأشخاص وجهات معينة تتحكم بإرادته وتوجه.
دخل الحوثيون صنعاء وسيطروا على كل مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والمدنية ومنذ ذلك اليوم قد مرت 100 يوم على إمتلاك الحوثيون لمصادر القوة بما فيها العسكرية والإقتصادية والأمنية فماذا حققت الجماعة إلى الآن وما هي مكاسبهم وخسائرها وما هو حجم الإنتهاكات التي قد حصلت خلال المائة يوم؟ هذا ما سنحاول اللم به في سياق تقريرنا هذا وكي لا يقال أن التقرير عبارة عن رصد للأخطاء وفي محاولة لنقل صورة محايدة عما دار فقد قمنا بالبدء بحصر الانجازات للجان الحوثي الشعبية ، حاولنا البحث عن اي انجاز نتلمسه وكل ما نجده امامنا قمنا بحصره على قلته.
انجازات اللجان الشعبية
عقب إجتياح صنعاء يوم الـ21 من سبتمبر شكلت جماعة أنصار الله لجان شعبية أستلمت مؤسسات الدولة وقالت اللجان الشعبية أنها قامت بحمايتها والمحافظة على محتوياتها في غياب قوات الأمن والجيش.
بعد خمسة أيام على إجتياح صنعاء تحدثت قيادات أنصار الله عن دور اللجان الشعبية في هذه المرحلة وهو حماية الممتلكات العامة والخاصة.
وبعد عشرة أيام من السيطرة وبعد توجيه الكثير من الإتهامات للجماعة بإرتكاب خروقات في العاصمة بدأت اللجان الشعبية ترتدي الزي العسكري وبدأت أولى خطوات الترتيب مع قوات الجيش والأمن. وركزت اللجان الشعبية بشكل كبير على محاربة تحركات تنظيم القاعدة حيث تمكنت اللجان الشعبية في منتصف إكتوبر من ضبط سيارة مفخخة في العاصمة صنعاء بعد الإبلاغ عنها.
وفي بداية نوفمبر تمكنت اللجان الشعبية من تحرير مديرية العدين من قبضة تنظيم القاعدة.وفي الـ 10 من شهر نوفمبر نشرت جماعة أنصار الله "الحوثيين" صوراً قالت إنها لاشلاء عناصر من تنظيم القاعدة لقيت مصرعها ، عندما تمكنت اللجان الشعبية من تفجير سيارة مفخخة في محافظة البيضاء ، جنوب شرق اليمن ، قبل وصولها إلى هدفها.ووفقاً للمصادر فقد تمكنت اللجان الشعبية كذلك من احباط ثلاث عمليات انتحارية بأحزمة ناسفة في منطقة "المناسح" والقضاء على منفذيها.
كما استطاعت اللجان الشعبية خلال شهر نوفمبر إعادة سيارات مسروقة وحلت النزاع حول بعض الأراضي بصنعاء وحلت نزاعات قبلية في البيضاء وأستطاعت أن تلقيى القبض على عدد من المشتبه بهم أو المطلوبين أمنيا بحسب صلاح العزي القيادي في أنصار الله.
وفي العاشر من ديسمبر قررت جماعة الحوثي انسحابها من حرم جامعة صنعاء بعد ايام من مظاهرات طلابية حاشدة وتسليم الجامعة لحراسة مدنية.
وتعد الإستعدادات لإحياء إحتفالات المولد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة والسلام آخر الإنجازات للجان الشعبية التابعة لأنصار الله في العاصمة والمحافظات.
إخفاقات وخسائر اللجان الشعبية
بعد إجتياح صنعاء من قبل أنصار الله غاب دور الجيش والأمن بقدر تواجد اللجان الشعبية فبرزت نتائج وآثار سلبية جديدة لغياب الجيش وسيطرة المسلحين كان أهمها توسع أنشطة تنظيم القاعدة في العاصمة والمحافظات.
فقد أخفق أنصار الله من البداية في عدم إلتزامهم بتنفيذ إتفاق السلم والشراكة، وممارسة الإنتهاكات، وتأخير تسمية رئيس الحكومة.
وفي أول إسبوع لهم بعد السيطرة بدأ الحوثيون يخسرون الكثير من وسائل الإعلام بسبب الإنتهاكات، فقد علقت صحيفة الأولى المقربة منهم بعد أقل من إسبوع بالقول الحوثيون يخسرون أخلاقيا وارجعت أسباب ذلك إلى النهب والاعتداءات المستمرة التي قالت الصحيفة انه «طالت أساتذة جامعيين ونشطاء وصحفيين ومؤسسات إعلامية».
بعد أسبوع من سيطرة الحوثيين على صنعاء أستهدف تنظيم القاعدة بثلاث هجمات في يوم الأحد جماعة أنصار الله (الحوثيين) في صنعاء وفي محافظتي البيضاء ومأرب، مما خلف عشرات القتلى والجرحى.
ويرى مراقبون أن إحلال اللجان الشعبية محل الدولة في أعمالها كان من أبرز الأخطاء التي وقعت بها الجماعة فما أن تمكن الحوثيون من السيطرة التامة على العاصمة حتى بدأوا في بداية إكتوبر من تنصيب أنفسهم منصب القاضي وقسم الشرطة وبدأوا بإستدعاء الخصوم والفصل بالقضايا مما سبب إنتقادات واسعة ضدهم. هذه التصرفات أفقدت الكثيرين الأمل في بناء الدولة المدنية التي حلم بها اليمنيين فيما بدأت ملامح ما بقي من الدولة بالإختفاء.
وبعد إعلان الرئيس هادي تكليف أحمد عوض بن مبارك مدير مكتبه بتشكيل الحكومة في السابع من إكتوبر رفضه الحوثيين وقرروا إخراج تظاهرات رافضه للقرار مما دفع بن مبارك إلى تقديم إعتذاره للرئيس. وقد تجمع أنصار الله لذات السبب في ميدان التحرير وأعلنوا أنهم سينقلون إعتصامهم إلى السبعين كخطوة تصعيدية من أجل رفض القرار إلا أن اللجان الشعبية قد أخفقت في تأمين المتواجدين في التحرير والذي أدى إلى تسلل إنتحاري إلى أوساط المعتصمين وتفجير نفسه في الـ 8 من إكتوبر مما أدى إلى مقتل العشرات.
وفي منتصف إكتوبر اغتيل الضابط علي زيد الذاري في منطقة سعوان على ايدي مسلحين كانوا فوق دراجات نارية في الوقت الذي تعتبر فيه اللجان الشعبية هي المسؤول الأول عن الأمن في العاصمة وعدد من المحافظات.
وفي الـ 25 من أكتوبر أقتحم مسلحون من اللجان الشعبية يستقلون سيارات الجيش مبنى السجن المركزي في الحديدة وأطلقوا صراح سجين محكوم عليه بالإعدام. فيما خسرت الجماعة العشرات من رجالها في مواجهات مع القاعدة والقبائل في البيضاء وسط اليمن.
ومع انتهاء مهلة الشهر التي عقبت توقيع إتفاق السلم والشراكة من أجل تشكيل الحكومة بدأ قادة الحوثي بتهديد هادي بإطاحته إذا لم يتم تشكيل الحكومة خلال عشرة أيام. فيما بدأ عبدالملك الحوثي بتحميل الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، والأجهزة الأمنية والعسكرية مسؤولية التدهور الأمني الذي تعشية البلاد وهو ما أظهر الجماعة في موقف الضعيف في تحمل المسؤولية.
كما فشلت اللجان الشعبية في صنعاء من الإمساك بقتلة السياسي اليمني محمد عبد الملك المتوكل الذي أغتيل في 2 من نوفمبر 2014.
وفي اليوم الذي تشكلت فيه حكومة خالد بحاح في الـ 8 من نوفمبر فجر انتحاري يقود سيارة مفخخة مركزا طبيا حوله الحوثيون إلى ثكنة قرب مدينة رداع (150 كلم جنوب صنعاء)، والذي أدى إلى مقتل "عشرات الأشخاص" في الهجوم.
وفي منتصف شهر فبراير قتل عشرات من مسلحي الحوثي وجنود بلباس مدني من الحرس الجمهوري سابقا في كمينين نصبهما مسلحون من رجال القبائل في مأرب، الأول في طريق البقرات، والثاني في حمة صرار، ودمروا خلالهما 9 سيارات مسلحة ومدرعة واحدة ورشاشا من عيار 32 مضاد للطائرات، كما استولوا على خمس سيارات مسلحة ومدرعتين من نوع (بي إم بي).
وفي الـ 26 من نوفمبر قتل شخصان من اللجان الشعبية في نقطة تفتيش في شميلة جنوب العاصمة صنعاء على أيدي مسلحين قالت الجماعة أنهم من التكفيريين.وفي الثالث من ديسمبر فشلت اللجان الشعبية من منع إنتحاري من تفجير منزل السفير الإيراني بصنعاء والذي صار ضحيته قتيل و 17 جريح. كما أصيب ثمانية أشخاص بجراح صباح الاثنين الثامن من ديسمبر في انفجار خمس عبوات ناسفة استهدفت مسلحي اللجان الشعبية التابعة لجماعة الحوثي (أنصار الله) في منطقة شعوب وسط العاصمة اليمنية صنعاء.